الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية ذهبا في عمل استقصائي إلى ليبيا: أيــن الحقيقـة فــي ما جرى لسفيان ونذير؟

نشر في  06 ماي 2015  (11:32)

 

ماذا حصل بالضبط بين يومي 7 و8 سبتمبر 2014 أي بعد إطلاق سراح الإعلاميين سفيان الشورابي ونذير القطاري بمنطقة مرسى البريقة الليبية؟ فبعد احتجازهما بتاريخ 3 سبتمبر من قبل حرس المنشآت النفطية بحجة عدم التحصل على إذن بالعمل داخل التراب الليبي وبعد ضغوطات مورست من قبل السلط التونسية، تمّ الإفراج عن الشورابي والقطاري بتاريخ 7 سبتمبر لتنقطع أخبارهما مجددا ونهائيا بتاريخ 8 سبتمبر 2014، فكيف كان مصير التونسيين وما هي الجهة التي بادرت باختطافهما دون أن تعترف بذلك أو تطالب بأيّة فدية أو حتى ربّما تسعى لاستبدالهما بسجناء ليبيين؟
منذ ذلك التاريخ، ظلّ الصمت مطبقا حول سفيان ونذير رغم المساعي الحكومية ومحاولات الناشط الحقوقي مصطفى عبد الكبير الذي كلّف بمتابعة ملف اختطاف الصحافيين والمفاوضات مع الطرف الليبي...

الفاجعة الأولى بتاريخ 8 جانفي2015

وتوازيا مع ذلك عبرت عديد الأطراف من المجتمع المدني والإعلاميين عن استيائها من التعامل مع هذا الملف معتبرة أنّ الضغط الذي مارسته الحكومة التونسية لم يكن كافيا وأنّ مواقفها بخصوص مصير اثنين من أبناء تونس لم تكن حازمة وحاسمة... إلى أن جاءت الفاجعة الأولى فبتاريخ 8 جانفي 2015 أي بعد مضي 4 أشهر يوم بيوم على تاريخ أختطافهما الثاني صدر بلاغ منسوب لتنظيم داعش فرع الدولة الإسلامية بمنطقة برقة الليبية أعلن فيه عن إعدام الصحفيين التونسيين قائلا إنّه تمّ «تنفيذ حكم الله في إعلاميين في فضائية محاربة للدين مفسدة في الأرض».
كان لهذا الخبر أشد وأسوأ الوقع على عائلتي الشورابي والكتاري وأيضا على عائلتهما الإعلامية الموسعة.. تسارعت عندها الجهود والمساعي لمحاولة كشف حقيقة اختطافهما إلى أن دوى خبر مقتلهما كالصاعقة مجددا يوم الاربعاء 29 أفريل عندما أعلنت وزارة العدل الليبية مقتل طاقم قناة برقة وإعلاميين تونسيين على أيادي عناصر إرهابية.
أياما قليلة بعد ذلك نشر موقع «بوابة الوسط» إعترافات أحد المتورطين في خطف وقتل سبعة صحفيين شرق ليبيا، بكيفية قتلهم ومكان احتجازهم ودفنهم على أيدي عناصر من تنظيم «داعش».

قتل الشورابي والقطاري

و روى «أبولشبال» المصري، المسجون حاليا لدي السلطات الليبية، صحبة آخرين متهمين بقتل الصحفيين، تفاصيل عملية اختطاف وقتل الإعلاميين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، وقال في اعترافاته: «في 9 أوت (تاريخ لا يتطابق مع تاريخ إطلاق سراحهما يوم 7 سبتمبر) قمنا بخطف شخصين بالقرب من استراحة النوار (موجودة جنوب مدينة القبة) وتبين أنهما تونسيا الجنسية، ونقلناهما إلى مزرعة بمنطقة الفتائح، وسلمناهما هناك إلى (سراج) و(أبوحبيب). وبعد أسبوع نقل الشخصان إلى الغابة الكائنة عند محطة درنة البخارية بحضور (أبوعاصم) وأحمد التشادي وأبوعبدالله التشادي اللذين أطلقا عليهما طلقتين بالرأس مع ذبح بالسكين، ودفنا في المكان نفسه».

من هو سفيان بن قمو القيادي بالقاعدة الذي ورد إسمه في اعترافات أحد المتورطين في جريمة تصفية الشورابي والقطاري؟

من جهة أخرى كشف موقع «بوابة الوسط» أنّ التحقيقات الأولية بشأن مقتل طاقم قناة «برقة» والصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري بينت حقائق جديدة تربط بين أسماء إرهابيين من جنسيات مختلفة وتنظيمي القاعدة وداعش.
وأكد الموقع ورود اسم عضو تنظيم القاعدة المعروف سفيان بن قمو في اعترافات أحد المتورطين في الجريمة. فمن هو سفيان بن قمو وهل له علاقة مباشرة بتصفية الإعلاميين السبعة؟
سفيان بن قمو أمير درنة سجين ليبي سابق في معتقل غوانتانامو أتهم بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي الليبية في سبتمبر 2012، والذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. ولعلّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل صدرت فتاوى أو أوامر من قيادات بجهة درنة لتصفية الإعلاميين التونسيين؟
وتؤكد مصادر عليمة أنّ درنة أضحت مرتعا لتيارات متشددة حيث تم فيها هدم أضرحة الأولياء الصالحين فضلا عن غلق أماكن الإقتراع ومنع سكان المدينة من المشاركة في أي إنتخابات لانها «بدعة»، كما تم إنشاء محكمة شرعية تفصل في قضايا الناس. هذا دون أن ننسى أنّ ما يعرف بـ«مجلس شورى شباب الإسلام» الذي يسيطر على مدينة درنة، أعلن موفى سنة 2014 انضمام المدينة لتنظيم داعش ومبايعة أبوبكر البغدادي، لتصبح درنة أوّل إمارة تابعة للتنظيم في المغرب العربي.

الصحفي مفتاح بوزيد وسلوى بوقعيقيص في البال

وفي ظلّ غياب الدولة وانعدام الأمن، لا يمكن ان ننسى اغتيال الصحفي الليبي مفتاح بوزيد رئيس تحرير صحيفة برينيق، في مدينة بنغازي بتاريخ 26 ماي 2014. وكانت وكالة الأنباء الليبية ذكرت أن بوزيد «اغتيل برصاص مجهولين بالقرب من فندق تيبستي بمدينة بنغازي». ومفتاح بوزيد أصيل مدينة درنة محلل سياسي مناهض للمتطرفين الإسلاميين، وكان حذر منذ سنة 2012 من تغلغل التيارات المتشددة في مسقط رأسه.
هذا طبعا دون التغاضي عن سلسلة الاغتيالات السياسية التي عرفتها مدينة بنغازي ومنها مقتل الناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص بتاريخ 25 جوان 2014 أي شهرين قبل اختطاف سفيان ونذير..

يوسف الوسلاتي يشكك في صحّة اعترافات «مُدّعي» قتلة الشورابي والقطاري

وبالنظر الى شح المعلومات المتوفرة فقد دعا يوسف الوسلاتي عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إلى التريث قائلا: «قلناها وكررناها لا يمكن اعتماد الاطراف الليبية كمصدر للخبر يعتد به فقد أوردت بوابة الوسط القريبة من حكومة طبرق ما قالت انه اعترافات لإرهابيين في محاضر البحث من انهما ارتكبا هذا العمل الاجرامي يوم 9 اوت والحال ان الزميلين سافرا يوم 4 سبتمبر ، ان من لديه المقدرة على تحديد يوم القتل بالدقة المطلوبة لا يمكن ان يخطئ في تحديد الشهر. ملف الزميلين كان ولا يزال محل تلاعب من الجانب الليبي وعلينا انتظار نتائج التحقيقات التونسية وملازمة الحذر».

وزارة العدل تفتح بحثا تحقيقيا

أعلنت وزارة العدل، في بلاغ صدر عنها يوم الاثنين 4 ماي 2015، انه تمّ فتح بحث تحقيقي للتأكد من مدى صحة الأخبار المتعلقة بوضعية الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري. وأوضحت الوزارة ان قاضي التحقيق المتعهد بالبحث في القضية في تونس تمكن، بموجب الاتفاقية الثنائية بين الجمهورية التونسية والدولة الليبية، من توجيه إنابة قضائية دولية بالطرق الديبلوماسية إلى السلطات القضائية الليبية المختصة.

محامي الشورابي والقطاري يتهم أطرافا بالرغبة في غلق الملف

أمّا سمير بالرجب، محامي الصحفيين نذير القطاري وسفيان الشورابي فقال، إن عدة أطراف تريد غلق الملف بسرعة حتى لا تتحدد المسؤوليات.
وأضاف ان «القضية أكثر تعقيدا مما نتصور، خاصة في ظل الصراع السياسي بليبيا الذي تتحكم فيه عديد المصالح من جهات عديدة منها التونسية والأجنبية والليبية».
وأوضح المحامي وفق ما نقلته «وات» أنه لا يمكن إعلان مقتل الصحفيين من قبل جهات سياسية دون دليل مادي وبناء على تصريحات واعترافات قيل إنها «لمشارك في عملية قتل الصحفيين».
ونوه إلى أن «إعلان الوفاة يكون من قبل جهات مختصة إما طبية أو قضائية»، مشيرا إلى أنّ الوفاة من الناحية القانونية لم تحصل بعد.

نريد الحقيقة

واليوم تطالب عدة جمعيات حقوقية بالكشف عن ملابسات هذه القضية التي تضرب في الصميم حرية العمل الصحفي وحرمة الصحافيين في بؤر التوتر ومناطق الحرب...  نريد اليوم الحقيقة كاملة كما كان يريدها سفيان الشورابي دون مساحيق ودون ريتوش.. مع الإشارة الى الدور السلبي الذي لعبته الحكومة التونسية في هذا الملف الشائك.. فحتى لو افترصنا أنّ سفيان الشورابي ونذير القطاري وقعا في عش من الدبابير، فإنّه كان على الحكومة التونسية أن تفعل المزيد لإنقاذ ابنيها وهي مطالبة  اليوم بتتبع الجناة ومقاضاتهم احتراما لهما ـ وهذا أضعف الإيمان ـ.

• شيراز بن مراد